أنشطة مدرسية

تراجم التربويين

مفاهيم

عندما نستورد تاريخنا

الأستاذ: مراد محمد الشوافي
تربوية حضرموت - الأستاذ : مراد الشوافي :

( أردت أن أقدم للعرب الشكر على فضلهم الذي حرمهم من سماعه طويلا تعصب ديني أعمى أو جهل أحمق ) المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكه ( **********************************************
في مستهل كلمتهما الافتتاحية في دورة (تدريب الموجهين المدربين) التي أقيمت في الثانوية النموذجية تحت عنوان ( مهارات أساسية في التدريب ) تحدثا المدربان الرائعان عن عملية الإعداد للدليل التدريبي الذي ترجمت بعض فقراته عن الألمانية إلى العربية مباشرة وبعضها ترجم عن الألمانية إلى العربية بواسطة اللغة الإنجليزية تحت إشراف مدربين ألمان موضحين حجم المعاناة التي عانها المعدون ، وكان المدربان يعكسان صورة عن قرب و قد شهدا مرحلة المخاض التي تمخض عنها الدليل التدريبي .
وبالعودة إلى المادة التدريبية يتأكد لك أن هناك ترجمة أسبق على هذه الترجمات التي (أعادت البضاعة إلى أهلها) ليس على مستوى هذه الدورة فحسب بل ودورات كثيرة في جوانب متعددة كالتربية المستدامة التي لخصها العرب في الأثر بعبارة هي ( اطلب العلم من المهد إلى اللحد ) وقد كانت هذه العبارة تكتب مطبوعة على الغلاف التقليدي لكراسات التلاميذ . إذن (هي بضاعتنا وقد ردت إلينا ) لتحض بتقديرنا من بعد إهمال ! ليس لشيء إلا لأن آخرين قد حسنوها ونسبوها إليهم مثلنا مثل الزوج في قصة ( بنت الشيخ ) الموجودة في الحاكيات الأسطورية اليمنية التي تقول : ( كانت لدى رجل زوجة جميلة وصالحة ولكنه لم يكن يهتم بها لتأت مرحلة تعالى عليها فيها رغبة في زوجة أخرى أكثر جمالا وأوسع صلاحا حتى دب الفتور في علاقتهما لتنتهي بالطلاق لتنتقل الزوجة إلى قرية أخرى وتتزوج لتعيش لسنوات هناك قبل أن تعود إلى قريتها بعد وفاة زوجها عنها لتطمئن على أولادها من زوجها الأول لتجده وقد ساءت حالته وحالة أولادها وهو يبحث لنفسه عن زوجة بديلة فلجأت إلى شيخ القرية ليمكنها من زيارة أولادها وبعد أن سمع قصتها أرسل في طلب الزوج ليخبره بان لديه زوجة له فوافق على الفور وتم زواجه منها بعد أن دفع مبلغا عاليا كمهر لها وقد لبت الزوجة الجديدة ما يطمح إليه الزوج من جمال وصلاح ترك من أجلهم أم أولاده! وبعد أن أخدت منه لب قلبه سألها أن كانت ترغب في الإشراف على تربية أولاده وإلا أعادهم لأمهم فأعلمته بالحقيقة وأنها هي أمهم التي أصبحت أجمل وأصلح في نظره كونها قد لقيت بعض الاهتمام إضافة إلى أن الشيخ قد أصبح وكيلها  .
. انتهت القصة لكن ما استخلص منها من درس لم ينته وقد أهمل العرب تاريخهم وتراثهم الفكري ليعود لهم اليوم في مقام (بنت الشيخ ) ليحض بتقديرهم .تطلعا لما لدى الغرب من تقدم بنوه معتمدين على تراثنا العربي الإسلامي منذ أيام الأندلس وما بعد ليعيدوه لنا وقد غيروا مسمياته ونسبوه إلى أنفسهم مثلما فعل (أوجست كونت وأميل دوركايم ) مع (العمران الخلدوني) ليشهد لهم أهلهم زورا بأنهما كانا المؤسسين لعلم الإجماع .
واليوم نحن في دورات كثيرة نتدرب على تراثنا المهمل ونحترمه ونصرف من أجل التدرب عليه ملايين الدولارات لم يكن هو بأفضل مما كان عليه ليحض باحترامنا لا لشيء إلا لأن الغرب قد أصبح وكيله بعد أن طور بعض جزئياته بما يواكب تطور الواقع . ليس ذلك بجديد علينا اليوم وقد أصبحت جل علومنا مكتوبة بلغة أجنبية وقد كان أجدادنا روادها تعلم العالم بأسره على يدهم وخرجت بعلمهم أوربا من ظلمات عصورها الوسطى إلى عصور النور لم يكن ذلك سرا وقد أقر معظمهم بذلك فقد أعترف الفيلسوف المسيحي (توماس الاكويني) بتأثره بفلسفة (ابن رشد ) وعبر عن إعجابه بفلسفة الغزالي وأن كان الأول أندلسي والآخر فارسي إلا أنهما كانا مسلمين .
( ..... وليست العربية لأحدكم من أب ولا أم وإنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي ) حديث وان صنف بالضعيف جدا بحسب حكم الألباني إلا أنه وان أخذناه حتى كقول فهو يعبر عن حقيقة الإسلام كدين تبنى العلم وشرف العلماء في مرحلة حوكم فيها ( جاليلو جاليلي ) من قبل الكنيسة الكاثوليكية لقوله بدوران الأرض حول الشمس .
اعترفت بفضل العرب على أوربا المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكه) في مقدمة الطبعة الأولى 1962)) من كتابها ( شمس العرب تسطع على الغرب ) بقولها : ( أقولها بمرارة فأن الناس عندنا لا يعرفون إلا القليل عن جهودهم -  تقصد العرب-  الحضارية الخالدة ودورها في نمو حضارة الغرب ). كما قالت في موضع آخر من كتابها الذي أثار ضجة في الغرب واستحوذ على نقد نقادهم لسنوات طويلة : (لسنا نحن الألمان الناس الوحيدين فكل الأمم المتحضرة تستخدم اليوم الأرقام التي تعلمها الجميع من العرب والتي لولاها لما كان لدينا اليوم قائمة أسعار أو دليل تليفونات ) المرجع نفسه ص(68). وكما لا نستغنى عن خبرات الآخرين إلا إننا كرواد للعلم نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن نتصالح مع أنفسنا ..ونعرف بتاريخنا .. وأن نحترم قيمنا ..وأن نثق في قدراتنا لنتمكن من الارتقاء بتعليمنا ما يمكنا من الارتقاء بمجتمعنا العربي لتحمل الأجيال القادمة مشاعل التنوير إلى العالم مثلما فعل أجدادهم الأولون .
مراد الشوافي almurad.sh@gmail.com

 14.11.2013

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

ShareThis

AddThis Smart Layers