أنشطة مدرسية

تراجم التربويين

مفاهيم

متابعات تربوية في ثانوية سقطرية

تربوية حضرموت - الأستاذ : مراد الشوافي :
خلال ستة أيام كنا نقضي دوامها من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الواحدة من بعد الظهر في ثانوية الزهراء للبنات الواقعة في قلب مدينة حديبو عاصمة جزيرة سقطرى بعد أن حددت لنا كمركز تدريبي لتدريب موجهي الجزيرة التي تتهيأ حاليا لإعلانها محافظة مستقلة تضاف إلى الواحد والعشرين محافظة المقرة في اليمن . لفت انتباهي خلال فترة تواجدي في هذه الثانوية مستوى التناسق والتناغم الذي عليه طالبات المرحلة الثانوية من خلال زيهن المدرسي المميز بالبالطو ذي اللون البني الذي لا تزال سقطرى تحتفظ به منذ مرحلة ارتباطها بالعاصمة عدن ما قبل 1990م هو لون هادئ يعطي لطالبة الثانوية ميزة خاصة عن غيرها من الدارسات أو نساء المدينة يميزها الناس جميعا وبه يعرف الناس وجهتها منذ لحظة خروجها من منزلها إلى حين عودتها إليه فتحظى باحترام المجتمع لها أثناء سيرها في الشارع أو في وسائل المواصلات والذي بدوره أي المجتمع يراقب بصورة غير مباشرة التزامها بالدوام المدرسي مساندا للمتابعة المباشرة من قبل الاسرة والمدرسة .
إن أكثر ما يقلق الأسرة والمدرسة في الوقت الحاضر على حد سواء هي المسافة التي تفصل ما بين البيت والمدرسة التي كلما طالت كلما ارتفع مستوى القلق في مرحلة ضعف فيها الشعور بالأمن من قبل الناس لما يسمع عن تصرفات تعد دخيلة على مجتمعنا اليمني والعربي الإسلامي المحافظ خاصة وأن الطالبة تقضي فترة ليست بالقصيرة داخل مدرستها مما دفع ببعض الإدارات المدرسية إلى اتخاذ إجراءات احترازية إضافية فيما يتعلق بمتابعة أسباب غياب الطالبة أو تأخرها أو استئذانها بالانصراف مبكرا لعذر ما تطلع إدارة المدرسة عليه وهو إجراء مشروع وإن تذمر بعض أولياء الأمور من بعض أساليبه .
كما أن من مميزات هذا الزي المدرسي هو إزالة الفوارق الأسرية بين الطالبات من جوانب اقتصادية واجتماعية عدة كونه موحداً في اللون والخامة وبالتالي السعر . ما لفت انتباهي أيضا مستوى العلاقة الودية القائمة ما بين المعلمات وطالباتهن فالمعلمة تمارس دور المربية في تعاملها مع طالباتها وإن كان بعضهن حديثات عهد بالمهنة مما يحفز الطالبة على الإقبال على التعلم الذي تكون معلمتها قدوتها في ذلك . هذه العلاقة الدافئة التي ضعفت في كثير من مدارس البنات لدينا وبالذات الثانويات التي يتعرضن فيها الطالبات لضغوطات نفسية ناتجة عن أساليب تعامل بعض الإدارات المدرسية والمعلمات والتي تعكس عدم استيعاب لبعض المهام التربوية . فالمعلمة هناك منصة جيده لما تطرحه عليها طالبتها في الصف أو المكتب لترد عليها وهذه مهارة ضعفت عند عدد من المعلمات في بعض مدارسنا مما أضعف تحقيق الرسالة التربوية لدرجة أثرت سلبا على العملية التعليمية ذاتها .
الملفت أيضا أن لكل صف دراسي لوحة مخملية مثبتة خارجه يعرض عليها طالبات الصف إبداعاتهن في مختلف المجالات في الشعر والقصة والكتابة والرسم ، وفي مجالات متنوعة هي لوحة نشر حرة غير مقيدة بزمن إصدار تثبت مواضيعها في كل لحظة تحت إشراف لجنة من طالبات ذات الصف يتنافس الطالبات من خلال عرض إبداعاتهن ويحفظ القديم منها لدى اللجنة يختار من بينها ما يمكن نشره عبر مجلات حائطية تصدرها أقسام علمية وجماعات طلابية داخل المدرسة . هي طريقة مميزة وأسلوب يهدف إلى خلق التنافس الإبداعي بين طالبات الصف بعضهن بعضا من جهة وبين صفهن وبقية الصفوف الأخرى كما يمكن القائمين على المدرسة من اكتشاف إبداعات الطالبات ورعايتها . فالمدرسة هي المكان المناسب لاكتشاف مثل ذلك وهذا ما كان سائدا في مدارسنا من قبل حتى أن كثيراً من المبدعين حين يسأل عن بدايته الأولى يجيب على الفور في المدرسة وربما حدد المعلم الذي كان له فضل عليه في ذلك .
كذلك هناك منافسة بين الصفوف على مستوى نظافة الصف كانت نتيجته مدرسة نظيفة ووعي بيئي بين الطالبات يتسع ليشكل وعياً عاماً لمسناه في أكثر من رحلة قمنا بها إلى بوادي الجزيرة خلال سنوات علاقتنا بها حيث يقوم في نهايتها المشاركون بجمع مخلفاتهم بالذات البلاستيكية والعودة بها إلى المدينة لوضعها في المكان المخصص لها حفاظا على البيئة .
هي المدرسة التي افتقدنا روحها في زحمة الحياة وسيطرة الماديات على كثير من جوانب حياتنا . لا يزال في الحلم لدى الطالبات متسع هن يأملن لو أن شبكة النت قد توسعت في جزيرتهن لتكون لمدرستهن صفحة تعرف الآخرين بان ما بين البحر العربي والمحيط الهندي جزيرة تنبض بالحياة فيعرفن بتاريخ جزيرتهن خاصة وان معظمهن مهتم بالكتابة عن تاريخ الجزيرة ونذرة مكوناتها وتفرد عاداتها والتعريف بلغتها المنطوقة والتي تعبر عن عمق تاريخها حتى أن بعض الطالبات عبرن بأنهن لا ينطقن العربية في منازلهن إلا عند الصلاة حفاظا واعتزازا بلغتهم التي تعود إلى العهد الحميري وفقا وبعض الدراسات .مأملات بأن تأت لهن سقطرى المحافظة بما لم تأت به سقطرى المديرية .


مراد الشوافي almurad.sh@gmail.com

 24/11/2013سقطرى

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

ShareThis

AddThis Smart Layers