أنشطة مدرسية

تراجم التربويين

مفاهيم

الأدب اتباع التعليمات

الأستاذ : فؤاد بركات
تربوية حضرموت - الأستاذ : فؤاد بركات:
     تشرفت أن أكون مدربا إلى جانب أخي وزميلي وصديقي الحميم الأستاذ التربوي القدير سعيد عبد الله بن حيدرة في دورة( نهج القراءة المبكرة ) المنعقدة في الفترة من 19/11/2013م - 30/11/2013م في مدينة الشحر حرسها الله من كيد الكائدين. ومما أعجبني في دليل تدريب المعلمين لتلك الدورة قولهم: ( من غير اتباع التعليمات الخاصة بالمهمة قد لا يتم تنفيذ المهمة ويهدر الوقت والجهد , لكنْ مع اتباع التعليمات يسهل تحقيق المهمة , وهذا هو الحال مع التدريس بنهج القراءة المبكرة , فالالتزام بالخطوات والتعليمات ضرورة لتحقيق أهداف النهج ). العبارة السابقة دعتني لكتابة هذا المقالة , وأثارت في نفسي شجنا قديما, والحديث ذو شجون ؛ فقد ابتلي بعض العاملين في المجال التربوي وغيره منذ زمن بأن يجتهدوا في عمل أشياء ليست هي محل اجتهاد , أعني أنهم يعملون بخلاف ما كُلّفوا به نصا ظانين أن الأفضل ما رأوه حسنا , فتأتي النتائج ضعيفة , ثم يقولون : مستويات الطلاب متدنية ووو كل ذلك بخلاف ما ظنوا , ثم يتعللون بنغمة ( الطلاب أصلا ضعاف بغوا صبر! ) , ولو أنهم اتبعوا الخطوات والتعليمات , وتركوا اجتهاداتهم لنفذوا المهمة بنجاح باهر , ولو قُدّر أنهم أخفقوا - ولن يخفقوا – فلن يُلاموا ؛ لأن حجتهم قائمة وقوية , وهي أنهم اتبعوا التعليمات الموكلة إليهم. والشيء بالشيء يذكر ؛ فقد حضرني أن الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله استضاف جماعة من العلماء وطلبة العلم , منهم الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله , وقام الشيخ الألباني بحق الضيافة ؛ لأنها كانت في بيته, وكلما أخذ الشيخ الألباني في تقديم الطعام لضيوفه نهض أبو إسحاق الحويني يريد أن يساعد الشيخ الألباني في التقديم , لكن الشيخ الألباني كان يمنعه ويقول له: اجلس , فيجلس, وتكرر هذا مرتين , والشيخ يمنعه , عندها قال أبو إسحاق الحويني إجلالا للشيخ الألباني : ليس من الأدب أن تضطلع أنت بخدمتنا, كأنه يقول: الأدب أن نخدمك نحن يا شيخنا, فأجابه الشيخ الألباني- معلما إياه- بل الأدب اتباع التعليمات. اهـ الموقف التربوي. قلت: لله درك يا شيخنا الألباني يا من تبصر بنور النبوة , فتُعلّم الناسَ على الهدي النبوي. ولأهمية الاتباع قال الله تعالى: { قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ }( 31 ) من سورة آل عمران. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي عند هذه الآية الكريمة: ( وهذه الآية فيها وجوب محبة الله وعلامتها ونتيجتها وثمراتها، فقال: {قل إن كنتم تحبون الله } أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية ، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى ، بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه ، في الظاهر والباطن ، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى ، وأحبه الله وغفر له ذنبه ، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته ، ومن لم يتبع الرسول فليس محبا لله تعالى ؛ لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله ، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها ، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق ، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله ، وما نقص من ذلك نقص). اهـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/128. وقال في موطن آخر: ( ومن لوازم محبة العبد لربه أنه لا بد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا في أقواله وأعماله وجميع أحواله. كما أن من لازم محبة الله للعبد أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن الله: " وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال [عبدي] يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه" ).اهـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/235. وقال أيضا : ( هذه الآية هي الميزان التي يعرف بها من أحب الله حقيقة ومن ادعى ذلك دعوى مجردة ، فعلامة محبة الله اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم- الذي جعل متابعته وجميع ما يدعو إليه طريقا إلى محبته ورضوانه ، فلا تنال محبة الله ورضوانه وثوابه إلا بتصديق ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما. فمن فعل ذلك أحبه الله ، وجازاه جزاء المحبين ، وغفر له ذنوبه ، وستر عليه عيوبه). اهـ كلامه رحمه الله . تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/965.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

ShareThis

AddThis Smart Layers