ما هكذا مديري العزيز ؟
سعيد بن حيدرة |
دعاني وأنا في طريقي إلى بيتي ، ومع أنني كنت مستعجلاً إلا أن أمارات
الحزن التي على محياه أجبرتني على الوقوف معه للحظات ليحكي معاناته مع مدير مدرسته
التي درس فيها العام الماضي قبل أن ينقل إلى مدرسة أخرى هذا العام .
سؤال فاجأني به : هل هذا عمل تربوي ؟ حاولت أن أخفف من حدة سؤاله ،
ولكنني لم أستطع إذ استمر يقول : درست عاماً كاملاً ، وأظن أني لم أقصر في واجبي
بما يرضي ربي ، وضميري ثم يكون هذا جزائي !
النقلة أمر طبيعي يا أستاذ ، فالتربية تنقل المعلمين نظراً للحاجة ،
قاطعني : هذا ما كنت أظنه ، فاسمعني ثم احكم . أنا لست معترضاً على النقلة ،
فاليوم في مدرسة ، وغد في مدرسة أخرى ، ولكن كرامتي تبقى محفوظة ، ورأسي مرفوعاً ،
لا أن أهان ! وهنا حاولت أن أقاطعه ، ولماذا تهان ؟
آه يا أستاذ ، خرجت من فيه تحمل كل معاني الحسرة والتألم ، اسمع : كنت
جالساً في إحدى الأماكن العامة منتظراً صديقي ، وفجأة جاء أحد طلابي الذين درستهم
في العام الماضي مسلماً علي ، وبعد السلام سألني بكل عفوية لماذا نقلوك من مدرستنا
يا أستاذ ؟
أجبت : أنا موظف عند مكتب التربية ، وهي التي توزع المعلمين حسب الحاجة ،
فاجأني : ولكن مدير المدرسة قال : غير ذلك .
كأنما ضربني بحديدة في رأسي ، حاولت أن أتماسك ، فقلت : وماذا قال المدير
؟ أجاب الطالب : إنه اتفق مع إدارة التربية والتعليم على نقل المعلمين غير
المتمكنين في مادتهم ( ضعاف ) غير الملتزمين بواجبهم ، المستهترين في أخلاقهم ، كل
الذين تم نقلهم يحملون هذه الصفات ، وأنت منهم .
حاولت أن أثبت براءتي ، ولكن الكلمات تعثرت في فمي ، فقلت له : خيراً إن
شاء الله . وودعته حتى نسيت موعد صديقي الذي كنت أنتظره .
ما رأيك هل ما قام به مديري عمل تربوي ؟ هل تناقش مثل هذه في الطابور
الصباحي ، ويقال مثل هذا الكلام ؟ هل حلت كل المشاكل حتى لم يبق إلا المعلمون
هدفاً للسان مثل هذا المدير ؟ حاولت أن أعتذر لهذا المعلم ، كما اعتذر لطالبه ،
وودعته والحسرة تعصر قلبي .
قد يكون في بعض كلام المدير صواب ، ولكن طريقة معالجته للموضوع خطأ ،
فالتعميم ، أولاً لا ينبغي ، ومثل هذا الكلام لا يقال على مسامع الطلاب في الطابور
الصباحي حتى لا يفقدوا الثقة في معلميهم ، فالطلاب يتواصلون ربما أكثر مما نتواصل
نحن ، وسينقل ما يقال لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، ويصبح سبة على المعلم
الجيد الذي نقل لحاجة . علينا أن نتعلم كيف نناقش قضايانا التربوية ، متى وكيف
نطرحها ؟
إن مدير المدرسة قائد ، وموجه ، وأب ، وصديق لكل طالب ، ومعلم في مدرسته
، وعمله قائم على الجانب الأخلاقي في المرتبة الأولى ، فهو مؤتمن على فلذات
أكبادنا ، وعلى حقوق معلمينا ، فإذا أردنا أن نعالج الأخطاء فلنعالجها بحكمة ،
وروية ، ونبتعد عن التعميم الذي يستوي فيه المحسن والمسيء .
أخي المدير إن للأخلاق منزلة عظيمة ، فهي تعبر عن السلوك الفطري للإنسان ،
وهي من الأخلاق اللازمة في التعامل مع الآخرين ، وفي القيام بمسؤولياتك ومهامك بها
تعرف عزيزي المدير.
sb2522@gmail.com