أنشطة مدرسية

تراجم التربويين

مفاهيم

المعلم في نظر جيلين

الأستاذ : مراد محمد الشوافي

تربوية حضرموت - مراد الشوافي :


التعليم رسالة قبل أن يكون مهنة تؤدى من أجل الحصول على المال. أقول هذا ليس بقصد أن يعمل المعلم بدون أجر وإنما  قصدت أن ما يحصل عليه المعلم من أجر مادي هو أقل بكثير مما يستحقه المعلم المخلص لرسالته الناجح في عمله لذلك ، فتأدية الرسالة التربوية والتعليمية الناجحة لا تحسب بمقدار الأجر المادي الذي يتقاضاه المعلم  وإنما بمقدار حبه لمهنته وتقديسه لرسالته ابتغاء فضل ربه ،لأن هذه المهمة الشاقة النبيلة  لا تقوم إلا على الحب . ومحبة التعليم  تتطلب محبة لكل ما له علاقة بهذه  الرسالة كالمدرسة التي يعمل بها والمادة التي يقوم بتعليمها والمتعلمين الذين يشكلون حجر الزاوية في العملية التربوية والتعليمية والتي يرتبط نجاحهم في التعليم والحياة بنجاح المعلم في أداء الرسالة.
فلا تزال الأجيال التي تعلمت في الماضي تكن لمعلميهم الكثير من التقدير وتختزن في ذاكرتها ووجدانها الكثير من الذكريات الجميلة عن مرحلة تعليمية ربما عانوا فيها الكثير من الصعاب في ظل ظروف مادية متواضعة على المستوى الشخصي والمستوى الرسمي التعليمي قلل من صعوبتها معلمون مخلصون نذروا أنفسهم لأداء رسالتهم التربوية والتعليمية ، وكانوا حريصين على تربية وتعليم جيل لمسوا نجاحهم في مهمتهم في نجاحه ومن أجل ذلك كانوا طيبين في تعاملهم حازمين في قراراتهم معتمدين على مبدأ الثواب والعقاب الذي ربما تذمر من طرفه الآخر طلابهم حينها لكنهم عندما كبروا أدركوا أن ذلك كان حرصا من المعلم عليهم وقد كان أباؤهم راضين عنه لأنهم يقدرون المعلم ويقدسون رسالته في الوقت الذي لم يحصل معظم الآباء على  مستوى تعليمي متقدم بل ومن بينهم الكثير من الأميين الذين لا يحسنوا  القراءة والكتابة . حتى أن من الحكايات التي تناقلت عن طريق السماع عن الماضي التعليمي في حضرموت في مراحل سابقة ربما  بعيدة  عن مرحلتنا هذه هي أن الأب يأتي بابنه إلى المدرسة ويوصي عليه المعلم بقوله ( ربيه وعلمه ولك اللحم ولنا العظم ) والقصد من القول هو أن يحسن تربيته وتعليمه  وتأديبه على أن لا يسبب له أي ضرر جسيم وهذا القول أن كان يعبر عن  مستوى معين من تفكير الآباء إلا انه في ذات الوقت يعكس مستوى التقديس لمهنة التعليم ومقدار الثقة التي تمكن المعلم من انتزاعها من الآباء بحبه لرسالته   وإخلاصه لها .
فأن كنا قد سمعنا عن تلك المرحلة فقد عشنا مراحل دراسية كان المعلم فيها يتمتع بسمعة طيبة ومكانة عالية في نظر تلاميذه وطلابه بل ونظر أسرهم وأن كانوا لم يهدوه اللحم مقابل بقاء العظم سليما لابنهم فذاك نتيجة للتطور الذي دخل على طريقة تفكيرهم إلا أنهم كانوا لا يزالوا يحسنون الظن بالمعلم وبالمدرسة .
أما اليوم فقد ضعفت هيبة ومكانته المعلم بل والمدرسة في نظر المجتمع وإن كان لا يزال هناك من بين  المعلمين من  يخلصون لرسالتهم ويحرصون على تعليم تلاميذهم وطلابهم وإعدادهم للمستقبل الأ أن احترام المجتمع للتعليم قد ضعفت بضعف اعتماد مبدأ ( الشخص المناسب في المكان المناسب )وضعف مبدأ ( الثواب والعقاب ) على القائمين على التعليم قبل تطبيقه على المتعلمين .
حيث أصبح كثير من الآباء لا يثقون في أن المعلم سيحسن عقوبة أبنائهم على تقصيرهم لأنهم يرون البعض من المعلمين  ممن لم يحسن تصرفه مع أبنائهم  في عملية التعليم والمتابعة بل ربما من لم يصلح  سلوكه خارج المدرسة . مما يقلل من قيمة المعلم في نظر المجتمع ونظر المتعلمين أنفسهم مستقبلا وأن كان لا يزال البعض من المعلمين  في هذه المرحلة  محافظين على مكانتهم فارضين على الآخرين احترامهم لأنهم احترموا أنفسهم وقدسوا  رسالتهم .
برغم كل ذلك لازلنا نأمل أن يستعيد التعليم قدسيته والمعلم  مكانته المرموقة التي أفتقدها خلال السنوات الأخيرة .


مراد الشوافي
almurad.sh@gmail.com
2.11.2013

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

ShareThis

AddThis Smart Layers